هند الطود دكتورة مغربية حالمة، تحلق في سماء العلوم بالمكسيك
تغلبت على جميع الصعاب التي واجهتها في مسارها العلمي والأكاديمي بفرنسا، هند الطود، دكتورة مغربية تشق طريقها بنجاح في مجال البحث العلمي، وخاصة علم الحاسوب والذكاء الاصطناعي، حيث اتخذت المكسيك كوجهة من أجل النجاح والتميز
م ح ث: من هي هند الطود؟ وما هو مسارك الاكاديمي؟
هند الطود: ولدت في مدينة القصر الكبير، حيث تلقيت تعليمي الابتدائي في مدينة قصبة تادلة، ثم واصلت دراستي الثانوية في كل من تطوان والقصر الكبير، قبل أن ألتحق بالتعليم ما قبل الجامعي في مدينة مكناس، حصلت بعد ذلك على إجازة في العلوم الفيزيائية من كلية العلوم بفاس، ثم تابعت دراساتي العليا في مدينة الرباط، وتحصلت على درجة الماجستير والدكتوراه في العلوم الفيزيائية من كلية العلوم. بعد إنهاء دراستي لنيل شهادة الدكتوراه في المغرب، أجريت بحث ما بعد الدكتوراه في جامعة بيير وماري كوري في باريس، فرنسا. وفي أواخر عام 1997، انتقلت إلى المكسيك، حيث عملت أولا في معهد الجغرافيا بجامعة المكسيك الوطنية المستقلة، ثم في المعهد المكسيكي للبترول.
م ح ث: كيف بدأتِ مسيرتك المهنية في المكسيك؟ وما الذي دفعكِ لاختيار هذا البلد؟
هند الطود: لم أكن أفكر قط في الهجرة إلى المكسيك، حتى الأشهر الأخيرة من تواجدي في جامعة باريس، حيث أتاح لي القدر فرصة لقاء باحثة مكسيكية، كانت تقوم بأعمال تطبيقية في المختبر الذي كنت أعمل فيه، انداك بفرنسا، وكانت هي الصلة التي ساعدتني في العثور على وظيفة في المكسيك، وشعرت بأنني أخوض تحديا كبيرا بالذهاب إلى بلد لم أكن أعرفه ولا أتحدث لغته، لكنه يزخر بفرص عمل مهمة للباحثين في مجال العلوم.
م ح ث: حدثينا عن طبيعة عملك والبرامج العلمية التي تشتغلين عليها حالياً؟
هند الطود: أعمل هنا في الجامعات المكسيكية على الإشراف وتسيير مجموعة من الورشات العلمية المتخصصة في علوم الحاسوب والبرمجة والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى المشاركة في تصميم برنامج الماجيستر والدكتوراه في علوم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بالجامعة المستقلة بالعاصمة مكسيكو، والمركز الوطني الابتكار والتطوير التكنولوجي والحوسبة. كما أساهم في تطوير البرنامج الدراسي لمادة التعلم العميق في سلك الماجيستير و تكنولوجيا الحاسوب بجامعات أخرى في البلاد.
م ح ث: كيف اثرت تجربة التدريس في الجامعات المكسيكية على تطورك العلمي والاكاديمي؟
هند الطود: النظام التعليمي والبحث العلمي في المكسيك مختلف تماما عن المغرب وفرنسا، بحيث كنت أتعلم يوميا ولسنوات من أجل فهم كيفية العمل هنا، وأستطيع أن أقول بأنه في بلدي المغرب لدينا مستوى قوي ومتميز في التعليم، بحيث ساهمت دراستي الجامعية لجميع المواد باللغة الفرنسية في الاندماج بسرعة في الوسط العلمي والأكاديمي سواء بالمكسيك أو فرنسا حيث كانت البدايات. عند وصولي إلى المكسيك سنة 1997 اندهشت بالمستوى المتميز الذي تعرفه هذه الدولة في العديد من المجالات، بحيث ساهمت هذه التجربة في إثراء رصيدي المعرفي والعلمي، من خلال تعلم اللغة الإسبانية ولقاء ثلة من الباحثين والعلماء الذين ينحدرون من مختلف أنحاء العالم.
م ح ث: كيف كانت ايامك الأولى بالمكسيك؟ وما أبرز التحديات التي وجهتك
هند الطود:حقيقة لم توجهني أي تحديات كبيرة منذ وصولي إلى المكسيك، والفضل يعود إلى عائلتي التي طالما دعمتني وشجعتني من أجل متابعة دراستي وبحثي العلمي الذي كان يهمني ولازال بشكل كبير. أما المشكلة الرئيسية التي واجهتها عند وصولي إلى المكسيك، فكانت مشكلة اللغة، كوني انداك لم أكن أتحدث الإسبانية، بحيث كان التنقل من مكان إلى آخر في مدينة مكسيكو الكبيرة معاناة حقيقية، لأنني لم أتمكن من الحصول على خريطة للمدينة، ولازلت أتذكر لحظة وصولي لأول مرة إلى المطار بالمكسيك حيث أصابتني نوبة بكاء وتخوف لأني لم أكن أعرف التواصل باللغة الإسبانية باعتبارها اللغة الرسمية في البلاد والتي تتعامل بها الجامعات والإدارات الرسمية المكسيكية، الشيء الذي دفعني إلى تعلمها في الأسابيع الأولى من إقامتي في هذا البلد اللاتيني الجميل.
م ح ث: ما التغييرات التي طرأت على حياتكِ بعد الهجرة إلى المكسيك، سواء على المستوى الشخصي أو المهني؟
هند لطود: تعلمت كثيرا هنا، وتطورت بشكل كبير على المستوى المهني بحيث قمت بأبحاث مهمة في مجال الذكاء الاصطناعي والحاسوب، كما أشرفت على ورشات علمية عديدة ومهمة بالجامعة والمعهد الوطني المكسيكي، الحياة رحلة تعلم وأنا ممتنة على هذه الفرص. أما على المستوى الشخصي، أصبحت أعشق المجتمع المكسيكي، لأنهم وبكل صدق رائعين، أتذكر جيدا سنة 2022، عند وصول المنتخب المغربي إلى نهائي كأس العالم بقطر، تلقيت العديد من الرسائل والمكالمات الهاتفية، من أصدقائي بالمكسيك يهنئوني بهذا الإنجاز العظيم.
م ح ث: ما هي إيجابيات وسلبيات الإقامة والعمل في المكسيك من وجهة نظركِ؟
هند الطود: المكسيك بلد جميل وأشعر بالاندماج الكلي في المجتمع المكسيكي، لكن أفكر بالعودة مستقبلا للاستقرار في بلدي المغرب، المكسيكيون لطفاء للغاية مع الأجانب، وتلقيت ترحيبا كبيرا عند وصولي إلى هنا، إنهم أناس طيبون، لم أشعر يوما بالعنصرية أو أنني غريبة عنهم. لدي العديد من الأصدقاء هنا قاموا بزيارة المغرب، واعجبوا بجماله وكرمه، وأنا فخورة جدا لكوني مغربية، ابنت أرض يسحر الجميع بتنوعها الجغرافي والثقافي.
