جواد الخراز: كفاءة مغربية تساهم في ريادة الطاقة المتجددة بمصر والعالم العربي
يعد جواد الخراز من الأسماء البارزة في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة على الصعيدين المتوسطي والدولي. من وادي لاو شمال المغرب إلى منصات القرار في كبرى المنظمات الدولية بمصر والعالم، راكم خبرة علمية وعملية جعلته من بين الفاعلين المؤثرين في هذا المجال. في هذا الحوار، يحدثنا عن مسيرته الأكاديمية والمهنية، التحديات التي واجهها، ورؤيته لمستقبل الطاقة النظيفة في المنطقة والعالم.
م ح ث: هل يمكنك أن تحدثنا عنك ومسارك الأكاديمي؟
جواد الخراز: ولدت في وادي لاو، وترعرعت في حي باب العقلة بمدينة تطوان. حصلتُ على شهادة البكالوريا في العلوم الرياضية، ثم الإجازة في العلوم الفيزيائية، قبل أن أكمل دراساتي العليا في الاستشعار الفضائي، حيث حصلت على الماجستير والدكتوراه من قسم فيزياء الأرض والديناميكا الحرارية بجامعة بلنسية الإسبانية. بالإضافة إلى ذلك، نلت دبلومًا في إدارة واستراتيجيات المؤسسات من مدرسة “سكيما” للأعمال في صوفيا أنتيبوليس بفرنسا.
م ح ث: حدثنا عن بدايتك المهنية على المستوى الدولي؟
جواد الخراز: على الصعيد المهني، عملت لمدة 12 عامًا كمدير للمعلومات والمشاريع بالنظام المعلوماتي الأورومتوسطي للمعرفة في مجال المياه بفرنسا. لاحقًا، انتقلت إلى سلطنة عمان، حيث شغلت منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لأبحاث تحلية المياه لمدة ست سنوات. بعد ذلك، عملتُ مستشارًا للعديد من الهيئات الدولية والأممية، مثل الاتحاد الأوروبي، مؤسسة بريما، الإسكوا، والمعهد المتوسطي للمياه. وفي مرحلة لاحقة، التحقتُ بالمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بالقاهرة كمدير تنفيذي لهذه المنظمة الدولية ذات الصبغة الدبلوماسية، حيث قضيت ثلاث سنوات. بعدها، عملت كشريك أول لبيت الخبرة المناخي الإيطالي “إيكو” بميلانو، وأسست شبكة خبراء المياه والطاقة والمناخ، كما ترأست الشبكة المتوسطية للطاقة النظيفة ومبادرة “تيراميد” المتوسطية، التي تهدف إلى دعم الدول المتوسطية للوصول إلى 1 تيراوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
م ح ث: كيف بدأت مسيرتك المهنية في مصر؟
جواد الخراز: بدأت مسيرتي في مصر من خلال المشاركة في مسابقة دولية بالقاهرة عام 2020، حيث تمكنتُ من الفوز بها، مما أتاح لي فرصة تولي منصب مدير المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وهي منظمة دولية ذات صبغة دبلوماسية مقرها مصر. باشرتُ عملي هناك في أكتوبر 2021.خلال مسيرتي، ألقيت محاضرات في أكثر من 56 دولة حول العالم، ونشرت عشرات الدراسات العلمية والتقارير المتعلقة بسياسات المياه والطاقة والمناخ. كما كنت أحد مؤلفي تقرير اليونسكو للعلوم لعام 2015، وشاركتُ في العديد من المنتديات العالمية الكبرى، مثل المنتدى الاقتصادي العالمي، المنتدى العالمي للمياه، المنتدى العالمي للعلوم، المنتدى العالمي للطاقة، ومؤتمرات الأطراف حول المناخ، بالإضافة إلى لقاءات دولية رفيعة المستوى.
م ح ث: كيف تمكنت من تحقيق النجاح في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في مصر؟
جواد الخراز: رغم أن مقر المركز في مصر، إلا أن نطاق عملنا يشمل المنطقة العربية وشمال إفريقيا والشرق الأوسط. حققنا نجاحات كبيرة بفضل جهود المدراء السابقين، والاستراتيجية التي وضعتها وصادق عليها مجلس الأمناء. قمنا بتنفيذ مشاريع إقليمية ومحلية كبرى، ووسعنا نطاق أنشطتنا، كما عززنا حضورنا الإقليمي والدولي بفضل دعم جامعة الدول العربية والدول الأعضاء، إضافة إلى مجلس الأمناء والشركاء الذين وفروا لنا جميع سبل النجاح. من بين المشاريع المهمة التي أشرفنا عليها كانت مشاريع الطاقة الريحية في خليج السويس، حيث أدرنا جميع مراحل التنفيذ، بدءًا من الدراسات الخاصة بطاقة الرياح وحتى مراقبة الطيور المهاجرة لضمان استدامة المشاريع.
م ح ث: ما هي المشاريع التي تعمل عليها حاليًا في مجال الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة؟
جواد الخراز: من أبرز المشاريع التي أعمل عليها حاليًا مبادرة “تيراميد”، وهي مبادرة إقليمية متوسطية أطلقتها مجموعة من المنظمات الدولية والإقليمية بهدف دفع الدول المتوسطية إلى تحقيق 1 تيراوات من الطاقة المتجددة المركبة بحلول عام 2030. نعمل بشكل مكثف مع الحكومات، الجهات التمويلية، والفاعلين في قطاع الطاقة لدعم هذا المشروع الطموح، ومساعدة الدول المتوسطية في التحول نحو الطاقة المتجددة. نعلم أن المملكة المغربية تستهدف إنتاج 52% أو أكثر من احتياجاتها من الطاقة عبر المصادر المتجددة بحلول 2030، بفضل مشاريعها الطموحة في هذا المجال. كما أعمل أيضا على مشروع “مينا-لينكز” بالتعاون مع الشركاء الألمان، لدعم الدول المتوسطية في مشاريع الهيدروجين الأخضر والشبكات الذكية. هذا المشروع يشمل عدة دول، من بينها المغرب، تركيا، مصر، الأردن, و تونس.
م ح ث: ما هي أبرز التحديات التي واجهتها كمغربي يعمل في الخارج؟ وكيف تمكنت من التغلب عليها؟
جواد الخراز: من أبرز التحديات التي واجهتها كانت مسألة التأقلم، وهو أمر يكون صعبًا في البداية، لكن بفضل خبرتي السابقة في إسبانيا، فرنسا، سلطنة عمان، ومصر، تمكنت من تجاوز هذا الحاجز. وجود الجالية المغربية في مختلف الدول كان عاملا إيجابيا ساعدني على التكيف والشعور بالانتماء. التحدي الآخر كان على المستوى الأسري، حيث أعيش في مصر مع عائلتي الصغيرة التي تشتاق دائمًا إلى المغرب. لكننا استطعنا التأقلم عبر التعرف على المحيط الاجتماعي، والانفتاح على الثقافات الأخرى، وتقبل الاختلاف، مع الحرص على نشر قيم المحبة والأخوة.
م ح ث: ما هي رؤيتك لمستقبل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة؟
جواد الخراز: يشهد هذا المجال زخمًا عالميًا، حيث التزمت معظم الدول خلال مؤتمرات الأطراف حول المناخ، سواء في باكو (أذربيجان) أو دبي (الإمارات)، بمضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، ومضاعفة الجهود في مجال كفاءة الطاقة مرتين. أعتقد أن هذا التحول سيؤدي إلى ثورة مهمة في قطاع الطاقة، وسيسهم في الحفاظ على البيئة والمناخ.
م ح ث: كيف كانت تجربتك في التأقلم مع المجتمع والثقافة المصرية؟
جواد الخراز: إقامتي في مصر كانت تجربة إيجابية، فالأجواء هنا جميلة، وشعرت بالاندماج رغم التحديات التي ذكرتها سابقا. الأهم هو بناء علاقات إنسانية وصداقات قوية، وهذا ما ساعدني على المضي قدما. هناك أيضا ترابط ثقافي قوي بين المغرب ومصر، حيث نشأنا على مشاهدة المسلسلات والأفلام المصرية، مما جعل الاندماج أسهل. كما أن الشعب المصري كريم وودود، ويكن احتراما وحبا كبيرا للمغرب، ملكا وشعبا.